أحدث اخبار التداول

سعر الذهب يرتفع ويتجاوز 3,432 | مع اشتعال المواجهة بين إيران وإسرائيل

في مشهد اقتصادي عالمي مثقل بالتوترات الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية، جاء التصعيد الأخير في الشرق الأوسط ليعيد صياغة المعادلات في الأسواق المالية، ويضع الذهب مجددًا في مقدمة الخيارات الاستثمارية للمؤسسات والأفراد الباحثين عن الأمان وسط العواصف.

فقد شهدنا كيف أثرت الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وقيادات عسكرية في إيران على تحركات الأسواق، لتشعل فتيل موجة جديدة من الصعود في أسعار الذهب، وتثير التساؤلات حول الاتجاه المستقبلي لهذه السلعة التي لطالما ارتبطت بمفهوم “الملاذ الآمن”. في هذا التقرير الموسع، نأخذك في جولة تحليلية شاملة ترصد كيف تفاعلت الأسواق، ولماذا يظل الذهب الأداة المفضلة للتحوط في مثل هذه الظروف المعقدة.

صعود سعر الذهب وسط عاصفة الأحداث

مع إعلان إسرائيل عن تنفيذ ضربات نوعية استهدفت مواقع عسكرية ونووية حساسة في إيران، كان أول رد فعل للأسواق هو الاندفاع نحو الذهب. فقد قفز السعر الفوري للأوقية بنسبة 1.8% ليصل إلى 3,436.10 دولار، مدفوعًا بموجة شراء قوية عكست قلق المستثمرين من تداعيات أوسع نطاقًا. جاء هذا في وقت أكدت فيه إيران نيتها الرد بقوة، مع إرسالها مئات الطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، ما زاد من المخاوف من اندلاع صراع شامل قد يمتد ليشمل أطرافًا إقليمية ودولية أخرى.

ارتفاع سعر الذهب مع أزمة إيران وإسرائيل

هذه القفزة في أسعار الذهب ليست جديدة، بل هي سلوك متكرر رأيناه في أزمات مماثلة، حيث يُنظر للذهب باعتباره ملاذًا آمنًا قادرًا على حفظ القيمة في وجه المخاطر السياسية والاقتصادية.

الذهب كأداة تحوط درع المستثمرين في وجه المخاطر

لطالما كان الذهب هو الأصل الذي يُقبل عليه المستثمرون عندما تتصاعد المخاطر وتتزايد الشكوك. فإلى جانب كونه سلعة ذات قيمة جوهرية، يمثل الذهب ضمانة ضد تقلبات العملات، موجات التضخم، وحتى الأزمات المالية الكبرى. واللافت أن الذهب حقق خلال العام الجاري صعودًا تجاوز 30%، مدفوعًا بعدة عوامل متشابكة. فقد كان لتصاعد التوترات الجيوسياسية، سواء في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، دور بارز في تعزيز الطلب عليه.

كذلك ساهمت السياسات التجارية العالمية، بما فيها الحمائية والقيود الاقتصادية، في زيادة الإقبال على الذهب، إلى جانب الطلب القوي من البنوك المركزية الساعية لتعزيز احتياطياتها وتقوية مراكزها المالية في مواجهة المتغيرات العالمية.

ويؤكد مارك أندرسن، الرئيس المشارك لتخصيص الأصول في UBS، أن الذهب كان من أفضل الأصول التي أضيفت إلى المحافظ الاستثمارية في الفترة الأخيرة، ليس فقط لأنه يحمي من تقلبات الأسواق، بل لأنه يوفر توازنًا مطلوبًا في مواجهة مخاوف التضخم ومخاطر الديون المتراكمة عالميًا.

الأزمة الإقليمية وانعكاساتها على الأسواق

لا تقتصر تداعيات التصعيد في الشرق الأوسط على الذهب وحده، بل امتدت إلى مختلف الأصول والمؤشرات. فقد ارتفع مؤشر بلومبرج للدولار بنسبة 0.2% في ظل سعي المستثمرين وراء الأصول السائلة، بينما تراجعت أسعار المعادن الصناعية مثل الفضة والبلاتين والبلاديوم. أما النحاس، ذلك المعدن الذي يعتبر مؤشرًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، فقد شهد انخفاضًا في أسعاره إلى 9,645 دولار للطن.

ما يعكس مخاوف الأسواق من تباطؤ النمو العالمي في حال امتد النزاع وأثر على سلاسل الإمداد العالمية. وفي خلفية المشهد، يظل النفط هو الآخر تحت المجهر، مع ترقب المتعاملين لأي تأثير مباشر أو غير مباشر على تدفقاته من المنطقة.

جدول ملخص لحركة الذهب والمؤشرات المرتبطة (تحديث 13 يونيو 2025)

المؤشرالقيمة
سعر الذهب الفوري3,436.10 دولار للأوقية
أعلى مستوى سابق (ATH)3,500.10 دولار للأوقية (أبريل 2025)
نسبة التغير السنوي+30%
سعر الفضةتراجع طفيف
سعر البلاتينتراجع طفيف
سعر البلاديومتراجع طفيف
مؤشر بلومبرج للدولار+0.2%
سعر النحاس (عقود آجلة)9,645 دولار للطن

نظرة عن حركة الذهب القادم

تُظهر حركة الذهب مقابل الدولار الأمريكي (XAU/USD) على الإطار الأسبوعي اتجاهًا صعوديًا واضحًا ومستمرًا منذ منتصف 2024 وحتى الآن، حيث بلغ السعر مؤخرًا 3,432 دولارًا للأوقية بارتفاع 1.34% في الأسبوع الأخير. ويشير الرسم البياني إلى أن الذهب يقترب من اختبار مستويات مقاومة قوية عند القمة التاريخية الأخيرة.

سعر الذهب يرتفع مع اشتعال الأزمة بين إيران وإسرائيل

إذا استمر الزخم الصعودي مدعومًا بالمخاوف الجيوسياسية وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة، فمن المتوقع أن يواصل الذهب صعوده نحو قمم جديدة، بشرط ثبات السعر أعلى 3,400 دولار وعدم كسر مستويات الدعم عند 3,280 دولار.

إلى أين يمكن أن تتجه أسعار الذهب؟

بالنظر إلى تجارب الأسواق مع أزمات سابقة مشابهة، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمسار أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة:

1️⃣ تصعيد كبير في الصراع: إذا تطورت المواجهة لتشمل أطرافًا إقليمية ودولية بشكل مباشر، فإن الذهب قد يشهد ارتفاعات إضافية تتجاوز مستوياته القياسية، مع طلب متزايد من المؤسسات والبنوك المركزية.

2️⃣ احتواء الأزمة دبلوماسيًا: أي مؤشرات على تهدئة التوترات أو بدء محادثات جادة قد تدفع بأسعار الذهب للانخفاض جزئيًا، خاصة إذا ترافق ذلك مع تحسن في شهية المخاطرة لدى المستثمرين وارتفاع الدولار.

3️⃣ استمرار الغموض مع استقرار نسبي: في هذا السيناريو، قد تستقر أسعار الذهب عند مستويات مرتفعة دون تحقيق قفزات جديدة، مع اعتماد المستثمرين عليه كأداة تحوط وسط استمرار الضبابية في المشهد السياسي والاقتصادي.

الخلاصة

لا شك أن الذهب يثبت مجددًا في كل أزمة كبرى أنه أصل استثنائي يكتسب قيمته من قدرته على الصمود في وجه العواصف. وبينما تتابع الأسواق تطورات المشهد في الشرق الأوسط بقلق بالغ، يظل الذهب الخيار المفضل للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في مواجهة المخاطر التي يصعب التنبؤ بها. ومع احتمالات متعددة للمستقبل القريب، تبقى الحذر واليقظة هما السمتان الأبرز للمتعاملين في الأسواق خلال هذه الفترة الحساسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى