خطوة غير مسبوقة لخفض الفائدة
في خطوة جريئة ومفاجئة، أعلن بنك الصين الشعبي عن خفض سعر الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسط الأجل (MLF) بواقع 10 نقاط أساس، ليصل إلى 2.0%، وذلك بعد خفض مماثل في يوليو. هذه الخطوة، التي تأتي تزامنًا مع تخفيض الاحتياطي الإلزامي للبنوك بمقدار 50 نقطة أساس، تعد من أبرز التحركات النقدية التي اتخذتها الصين مؤخرًا لدفع عجلة الاقتصاد.
تحفيز شامل للعقارات والأسهم
تهدف الحزمة الاقتصادية إلى إنعاش قطاع العقارات المتعثر، حيث تشمل تخفيض تكاليف الاقتراض العقاري بقيمة تصل إلى 5.3 تريليون دولار، مع تسهيلات للمشترين الراغبين في شراء منازل ثانية. كما تم التركيز على دعم أسواق الأسهم، إذ سيُسمح للصناديق المالية والوسطاء باستخدام أموال البنك المركزي لشراء الأسهم، إضافة إلى تخصيص 500 مليار يوان (71 مليار دولار) لتعزيز السيولة.
التفاؤل والحذر في الأسواق
رغم هذا الدعم الكبير، استجابت الأسواق بحذر، حيث ارتفع مؤشر “سي إس آي 300” بنسبة 0.5%، في حين شهدت أسواق السلع مكاسب طفيفة، بينما حافظ اليوان على استقراره أمام الدولار.
وعلى صعيد آخر، انخفض العائد على السندات الصينية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوياته.
هل تكفي هذه التدابير من الصين؟
بالرغم من التفاؤل السائد، يرى عدد من الاقتصاديين أن هذه الإجراءات، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية لمعالجة التحديات الأعمق في الاقتصاد الصيني. يقول كين وونغ، خبير الأسهم الآسيوية: “التدابير النقدية إيجابية، لكنها تحتاج إلى تعزيز إضافي لضمان تحقيق النمو في الربع الرابع”.
بصيص أمل وثقة جديدة في الاقتصاد الصيني
إريك زو، خبير الاقتصاد في “بلومبرغ إيكونوميكس”، يعتقد أن الحزمة ستعزز الثقة في الاقتصاد الصيني، متوقعًا نموًا بنسبة 4.7% هذا العام، مع إمكانية اقتراب الصين من هدف النمو البالغ 5%. ومع ذلك، تبقى التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الإجراءات ستنجح في تحفيز النمو على المدى الطويل، في ظل تحديات الاقتصاد العالمي.
هل تنجح الصين في تحقيق أهدافها؟
تسعى حكومة الرئيس شي جين بينغ إلى تحفيز الاقتصاد عبر سياسات مالية ونقدية متوازنة، دون اللجوء إلى حزم تحفيزية ضخمة كما حدث في الماضي. ومع ذلك، فإن الخبراء يتساءلون ما إذا كانت الصين قادرة على تحقيق هدف النمو لهذا العام وسط تزايد التحديات الاقتصادية.
الأسواق الآسيوية تنتعش بفضل التحفيز الصيني
ارتفعت الأسهم الآسيوية وسط آمال متزايدة بأن الصين قد تقدم المزيد من حزم التحفيز لدعم اقتصادها المتباطئ، وذلك بالتزامن مع بدء الولايات المتحدة دورة جديدة من التيسير النقدي.
في الوقت نفسه، لامست أسعار الذهب مستويات قياسية جديدة، مما يعكس تصاعد التوقعات بشأن تحركات اقتصادية عالمية واسعة النطاق. هذا الارتفاع في الأسواق الآسيوية يعزز التفاؤل بإجراءات تحفيزية إضافية من الصين لدفع عجلة النمو.
إمكانية الإعلان عن خطط تحفيزية جديدة
صعد مؤشر “إم إس سي آي” لآسيا والمحيط الهادئ بفضل المكاسب في أسواق الصين وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، في حين شهدت العقود الآجلة للأسهم الأميركية أيضًا ارتفاعًا.
أثارت إحاطة إعلامية نادرة من كبار المنظمين الماليين في الصين يوم الثلاثاء التكهنات حول خطط جديدة لتعزيز الاقتصاد، خاصة بعد خفض سعر الفائدة قصيرة الأجل، مما يشير إلى احتمالية إعلان مزيد من التدابير التحفيزية في المستقبل القريب.
الخلاصة
في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، أطلقت الصين حزمة تحفيزية كبيرة تشمل تخفيضات في أسعار الفائدة وتخفيف القيود على التمويل العقاري ودعم سوق الأسهم، في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتباطئ وتحقيق هدف النمو البالغ 5%.
ورغم التفاؤل الذي رافق هذه الخطوات، لا تزال التساؤلات قائمة حول مدى فعاليتها في مواجهة التباطؤ الاقتصادي ومعالجة العوامل الهيكلية المؤثرة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.