أعلنت مجموعة بنك أوف أمريكا عن تحديث شامل لتركيبة محفظتها الاستثمارية في أسواق السلع لأفق الشهر القادم. هذه التحركات تأتي في وقت تشهد فيه الأسواق بوادر انتعاش مدفوعة بتراجع التوترات التجارية ونتائج اقتصادية إيجابية، أبرزها مفاجأة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأول من 2025.
فما الذي يراهن عليه بنك أوف أمريكا حاليًا؟ ولماذا أصبحت المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة والنحاس في قلب الاستراتيجية الجديدة؟ وهل يعني تراجع وزن النفط والغاز الطبيعي أن عصر الطاقة التقليدية في طريقه إلى الأفول؟
الأسواق تستجيب بإيجابية مع تراجع الرسوم الجمركية
مع التخفيف الأخير في التعريفات الجمركية، بدأ المستهلكون والأسواق المالية في الولايات المتحدة بإظهار إشارات واضحة على التفاؤل، خاصة بعد صدور مراجعة محدثة لبيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، والتي أظهرت نموًا فاق التوقعات.
بحسب مذكرة تحليلية صادرة عن بنك أوف أمريكا للأوراق المالية في 2 يونيو 2025، فإن الاستهلاك الأميركي لا يبدو عرضة لهبوط حاد في النصف الثاني من العام.
رغم “التحميل المسبق” لعمليات الشراء التي سبقت تطبيق التعريفات الجمركية. ويعود ذلك إلى ما وصفه البنك بـ “الميزانيات العمومية الصحية نسبيًا” للمستهلكين، ودخول العمالة التي لا تزال تتفوق على معدل التضخم.

بنك أوف أمريكا يعيد هيكلة محفظته
في ضوء هذه التطورات، أعاد البنك هيكلة محفظته لتمنح أولوية لعدد من السلع التي يُتوقع أن تحقق أداءً قويًا على المدى القصير، وتحديدًا خلال شهر واحد، وتشمل:
- النحاس
- الذهب
- الفضة
- فول الصويا
بينما خفّض البنك وزن
- النفط (خام غرب تكساس وخام برنت)
- الغاز الطبيعي
- البنزين
- الذرة، القمح، القطن، ولحوم الخنازير
💡 لماذا النحاس؟ ولماذا الآن؟
يتوقع نموذج العوائد لبنك أوف أمريكا أن النحاس سيحقق عوائد إيجابية إضافية خلال الشهر القادم، مدفوعًا بالطلب الصناعي المتزايد، لا سيما مع تسارع مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة في الولايات المتحدة وأوروبا.

نظرة عامة
تشهد عقود النحاس الآجلة (نوم) تحسناً طفيفاً في الأداء، حيث ارتفع السعر إلى 4.8750 بنسبة +0.85%، مدعوماً بزيادة في الطلب مقابل العرض. تشير حركة التداول إلى سيولة جيدة مع فارق ضيق بين سعري الجمع والشراء (0.0005)، مما يعزز احتمالية استمرار الاتجاه الصعودي، خاصة مع دعم عوامل مثل انخفاض المخزونات العالمية وتحسن الطلب الصناعي. ومع ذلك، تبقى الأسعار حساسة لتقلبات الدولار والمؤشرات الاقتصادية، مما يستدعي المراقبة الدقيقة للاتجاهات القادمة.
🛢️ النفط تحت المجهر ومؤشرات الأداء الضعيف
من اللافت أن بنك أوف أمريكا يتوقع عوائد سلبية إضافية لخام غرب تكساس وبرنت خلال نفس الأفق الزمني، ما يشير إلى قلق محتمل من تباطؤ الطلب أو ارتفاع الإمدادات. وقد يُعزى هذا التوجه إلى توقعات بتراجع الاستهلاك العالمي على خلفية تباطؤ النمو في بعض الأسواق الناشئة، إضافةً إلى سياسة الإنتاج التي تتبعها أوبك+.
رؤية على مدى 6 أشهر ملامح أوضح للصورة الاستثمارية
في تحليله لأفق نصف السنة (6 أشهر)، كشف البنك عن نموذج توقعات أكثر تفاؤلًا نسبيًا، خاصة في قطاعي الطاقة والمعادن:
✅ يتوقع البنك عوائد فورية إيجابية لـ:
- الطاقة بشكل عام
- اللحوم والماشية
- السلع الزراعية
- معظم المعادن الصناعية
✴️ ويتوقع عوائد إضافية إيجابية لـ:
- برنت والبنزين وزيت الغاز
- زيت التدفئة
- النيكل، الفضة
- وجبة فول الصويا
❌ بينما يتوقع عوائد إضافية سلبية لـ:
- خام غرب تكساس
- الماشية الحية
- زيت فول الصويا
- الألومنيوم
ماذا تعني هذه التعديلات للمستثمرين؟
تأتي هذه التحركات من بنك بحجم Bank of America لتؤكد على أهمية المرونة في استراتيجيات إدارة المحافظ، خصوصًا في بيئة اقتصادية متقلبة. الاعتماد المتزايد على المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس يعكس مخاوف من التضخم، إضافة إلى ثقة في أن البنية التحتية والتحول للطاقة النظيفة سيواصلان دعم المعادن الصناعية.
وفي المقابل، يبدو أن النفط يواجه ضغوطًا متزايدة، سواء من حيث العرض أو من السياسات البيئية العالمية، وهو ما يدفع المستثمرين لتقليل تعرضهم له في الوقت الراهن.
الخلاصة
ما بين الذهب والنفط… من يربح الرهان في 2025؟
التقلبات العالمية تفرض على الجميع — أفرادًا ومؤسسات — أن يُعيدوا حساباتهم باستمرار. وتُظهر استراتيجية بنك أوف أمريكا في السلع أن التركيز في المرحلة القادمة سيكون على الملاذات الآمنة والمعادن الصناعية، بينما تتراجع الثقة في أداء النفط ومشتقاته على المدى القصير.
إذا كنت تبحث عن فرص استثمارية واعدة في النصف الثاني من عام 2025، فإن قراءة توجهات المؤسسات المالية الكبرى مثل بنك أوف أمريكا قد تكون بوصلتك نحو قرارات مدروسة وأكثر ذكاءً.