شهدت أسعار البيتكوين مع افتتاح أول أيام شهر ديسمبر موجة هبوط حادة تجاوزت 8% خلال أقل من 24 ساعة، في حركة أربكت الأسواق ودعمت حالة التذبذب العالي التي سيطرت على تداولات نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر. هذا الانخفاض جاء بعد فشل السعر في الحفاظ على مستوياته فوق 90,000 دولار، ليتراجع من قمم قريبة من 92,000 دولار إلى مناطق 84,000 – 85,000 دولار.
بالتزامن مع ضغوط كلية قوية وعمليات تصفية ضخمة في سوق المشتقات، وهو ما يجعل بداية ديسمبر مختلفة عن التوقعات المتفائلة التي سادت مع دخول الربع الرابع. تشير بيانات التداول على منصة Binance إلى أن هذا الهبوط تزامن مع زيادة ملحوظة في أحجام التداول الفوري والمشتقات، وهو ما يعكس حالة ذعر جزئي لدى المتداولين أصحاب المراكز الممولة بالرافعة المالية.
تأثير العوامل على هبوط البيتكوين مع بداية ديسمبر
أحد أبرز الأسباب التي ضغطت على سوق البيتكوين في هذا التوقيت هو تجدد المخاوف المرتبطة بالسياسة النقدية في اليابان، حيث تشير تقارير متعددة إلى احتمال قيام البنك المركزي الياباني برفع أسعار الفائدة في الفترة المقبلة. هذه التوقعات دفعت المستثمرين إلى تسريع عملية تفكيك صفقات “الكاري تريد” المرتبطة بالين الياباني.
ما أدى إلى سحب السيولة من الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية. هذا الانكماش في السيولة العالمية انعكس بشكل مباشر على البيتكوين، التي تعتمد بدرجة كبيرة على تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل في فترات عدم اليقين.
وقد تناولت وسائل اقتصادية عالمية هذا الموضوع بشكل موسّع، خاصة تأثير تحركات الين على الأسواق العالمية، ويمكن الاطلاع على تحليل مفصل عبر وكالة رويترز من خلال هذا الرابط.
مع بداية ديسمبر، تزامن هذا العامل الكلي مع حالة تشبع شرائي سابقة في البيتكوين بعد صعود قوي خلال أكتوبر ونوفمبر، ما جعل أي ضغط خارجي كافيًا لإطلاق موجة تصحيح قوية.
الإشارات الفنية: ماذا تقول المؤشرات مع بداية ديسمبر؟
من الناحية الفنية، يُظهر الرسم البياني اليومي للبيتكوين صورة سلبية واضحة. حيث كسر السعر متوسطات الحركة الأسية قصيرة ومتوسطة الأجل، إذ أصبح متوسط EMA لـ7 أيام أسفل متوسط EMA لـ25 و99 يوماً، وهو ما يعكس تحولاً واضحاً في الزخم من الصعود إلى الهبوط. هذا التقاطع السلبي غالبًا ما يُنظر إليه كإشارة تحذيرية للمتداولين، خاصة عند اقترانه بزيادة أحجام التداول الهابطة.

أما مؤشر MACD، فقد أكد هذه الرؤية بعد تسجيل تقاطع هابط واضح مع بقاء القيم في المنطقة السلبية، بالإضافة إلى اتساع أعمدة المدرج التكراري الهابطة، ما يدل على قوة الزخم السلبي في المرحلة الحالية. في المقابل، يلفت مؤشر القوة النسبية RSI الانتباه إلى اقتراب السعر من مناطق التشبع البيعي على عدة أطر زمنية، وهو ما قد يفتح المجال لارتداد تصحيحي قصير المدى، دون أن يعني بالضرورة نهاية الاتجاه الهابط.
موجة التصفية العنيفة لأكثر من 650 مليون دولار خلال ساعات
الانخفاض الأخير لم يكن مجرد حركة سعرية طبيعية، بل تزامن مع سلسلة تصفيات واسعة في سوق العقود الآجلة. بيانات منصات تتبع التصفية مثل Coinglass تشير إلى أن ما يزيد عن 650 مليون دولار من المراكز الطويلة تم تصفيتها خلال أقل من 24 ساعة، معظمها على البيتكوين والإيثريوم. هذه التصفية القسرية ضاعفت من قوة الهبوط، حيث أُجبر المتداولون على إغلاق مراكزهم عند أدنى الأسعار، ما تسبب في تسارع الهبوط بشكل متتابع.
وتوضح لوحة البيانات الخاصة بالتصفية على Coinglass كيف ساهمت الرافعة المالية المرتفعة في مضاعفة الخسائر، هذا الحجم الضخم من التصفية يعكس هشاشة هيكل السوق في الفترات التي تسبق الأحداث الكلية المهمة، ويؤكد أن جزءًا كبيرًا من السيولة النشطة في السوق يعتمد على المضاربة السريعة وليس الاستثمار طويل الأجل.
هل ما زالت الثقة المؤسسية موجودة؟
رغم هذا السيناريو السلبي قصير المدى، إلا أن المشهد لا يخلو من مؤشرات إيجابية مهمة، أبرزها استمرار الثقة المؤسسية في البيتكوين. فقد أصبحت صناديق البيتكوين المتداولة (Spot ETFs) التابعة لشركة BlackRock من أكثر المنتجات ربحية ضمن قطاعها، مع استمرار التدفقات الإيجابية إليها، وهو ما يعكس شهية استثمارية قوية من المؤسسات الكبرى. يمكن متابعة بيانات صندوق IBIT التابع لـ BlackRock عبر الموقع الرسمي للشركة.
إلى جانب ذلك، واصل مايكل سايلور وشركة MicroStrategy استراتيجيتهم المعروفة بشراء البيتكوين، حيث أُعلن عن إضافة 130 بيتكوين جديدة إلى محفظة الشركة، في خطوة تؤكد الرؤية طويلة الأجل وعدم التأثر بتقلبات المدى القصير. هذه التحركات عادة ما تُفسر على أنها ثقة في المستويات الحالية كسعر شراء مناسب مقارنة بالتوقعات المستقبلية.
التشبع البيعي والقمم التاريخية وسيناريوهات الانتعاش المحتملة
من زاوية تاريخية، تشير البيانات إلى أن الفترات التي يشهد فيها السوق ما يُعرف بـ “ربع رابع أحمر” غالبًا ما تكون مراحل تكوين قيعان، لا بدايات اتجاهات هبوطية طويلة. وفي حالات سابقة، أعقب هذه الفترات ارتدادات قوية مع بداية العام الجديد.
ومع وصول مؤشرات RSI على أطر 6 و12 و24 ساعة إلى مناطق تشبع بيعي واضحة، يزداد احتمال حدوث ارتداد تقني قصير الأجل، خاصة إذا تراجعت وتيرة التصفية واستقر السعر أعلى مستويات الدعم بين 82,000 و84,000 دولار.
هذا لا يعني بالضرورة عودة فورية للمسار الصاعد، بل يشير إلى فرصة لالتقاط الأنفاس قبل أي حركة توسعية جديدة، خصوصًا مع ترقب الأسواق لأي بيانات تضخم أو قرارات نقدية مؤثرة خلال الأسابيع القادمة.
سوق المشتقات حجم تداول قياسي رغم الانخفاض
رغم تقلبات السعر، أظهرت بيانات شهر نوفمبر قوة استثنائية في سوق مشتقات البيتكوين. حيث تجاوز إجمالي حجم التداول عبر جميع المنصات الكبرى 1.4 تريليون دولار، وهو رقم يعكس استمرار النشاط المرتفع في العقود الآجلة والرافعة المالية. وتصدرت Binance المشهد بحجم تداول بلغ 522.3 مليار دولار، أي ما يعادل 37% من إجمالي السوق، ما يعزز مكانتها كأكبر منصة مشتقات على مستوى العالم.
كما سجلت منصات أخرى مثل OKX وBybit وHyperliquid أحجام تداول قوية تجاوزت مجتمعة 600 مليار دولار، وهو ما يدل على تنوع مصادر السيولة، رغم استمرار هيمنة Binance. ويمكن متابعة بيانات المشتقات بشكل تفصيلي من خلال تقارير المنصات أو عبر مواقع إحصائية مثل The Block.
هذا النشاط المرتفع يعكس اعتماد المتداولين بشكل متزايد على استراتيجيات التحوط والمضاربة قصيرة الأجل، خاصة في فترات الضغط السعري وعدم اليقين.
قطاع التعدين تحت الضغط مع نهاية نوفمبر
لم يكن المعدّنون بمنأى عن هذه التطورات، حيث أظهرت بيانات شهر نوفمبر أنه رابع أضعف شهر من حيث إيرادات تعدين البيتكوين في عام 2025. فقد عالجت مجمعات التعدين نحو 453 كتلة فقط، محققة إيرادات إجمالية بلغت 1.262 مليار دولار تشمل مكافآت الكتل والرسوم.
هذا التراجع في الإيرادات يُعزى إلى مزيج من انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف التشغيل، وهو ما يضع ضغطًا إضافيًا على المعدّنين ذوي الكفاءة المنخفضة.
توجه المجتمع بين الحذر قصير الأجل والتفاؤل طويل المدى
على مستوى مجتمع المتداولين، يسود انقسام واضح في التوقعات. فجزء كبير من المشاركين يرى أن كسر مستويات 90,000 دولار أعاد السيطرة للبائعين، مع ترجيح اختبار مناطق 80,000 دولار في حال استمرار الضغوط الكلية. في المقابل، يتمسك مستثمرون آخرون برؤية صعودية طويلة الأجل، معتبرين التصحيحات الحالية صحية وضرورية قبل استهداف قمم تاريخية جديدة قد تتجاوز 100,000 دولار خلال الموجة الصاعدة القادمة.
وتبرز في النقاشات اليومية الإشارة المتكررة إلى الين الياباني وسياسات بنك اليابان كعامل رئيسي خلف التقلبات الأخيرة، وهو ما يعكس وعياً متزايداً لدى المجتمع بتأثير العوامل الكلية على سوق البيتكوين.
ملخص بيانات السوق
| البند | البيانات |
|---|---|
| تاريخ الحركة | 1 ديسمبر 2025 |
| نسبة الهبوط | حوالي 8% خلال 24 ساعة |
| أعلى سعر قبل الهبوط | 92,000 دولار |
| أدنى سعر بعد الهبوط | 83,800 – 85,000 دولار |
| السعر وقت الرصد | قرابة 85,000 دولار |
| الاتجاه العام | هابط قصير المدى |
| وضع المتوسطات المتحركة | EMA 7 أسفل EMA 25 و EMA 99 |
| إشارة MACD | تقاطع هابط وقيم سلبية |
| حالة مؤشر RSI | تشبع بيعي على أطر قصيرة |
| حجم التصفية | أكثر من 650 مليون دولار |
| نوع المراكز المتأثرة | مراكز LONG ممولة |
| العامل الكلي الأبرز | تفكيك صفقات الين الياباني |
| المزاج العام للسوق | حذر وتقلب مرتفع |
| السيناريو القصير | ارتداد تصحيحي محتمل |
| النظرة الطويلة | صعودية لدى المستثمرين المؤسسيين |
الخلاصة
يمثل هبوط البيتكوين مع بداية ديسمبر تصحيحًا قويًا أكثر منه انهيارًا هيكليًا للسوق، إذ جاء نتيجة تداخل عوامل كلية ضاغطة مع هشاشة سوق المشتقات وارتفاع الرافعة المالية، ما أدى إلى موجة تصفيات سريعة وعنيفة. ورغم وضوح الإشارات الفنية السلبية على المدى القصير، فإن وصول المؤشرات إلى مناطق التشبع البيعي.
إلى جانب استمرار الشراء المؤسسي وقوة سوق المشتقات، يشيران إلى أن السوق يمر بمرحلة إعادة توازن لا تزال قابلة للارتداد. وبناءً على ذلك، يبقى المشهد الحالي حساسًا للتقلبات، حيث قد نشهد تذبذبًا مرتفعًا على المدى القريب، مقابل احتفاظ البيتكوين بجاذبيته كأصل استثماري طويل الأجل لدى شريحة واسعة من المستثمرين.
الأسئلة الشائعة ❓️
هل هبوط البيتكوين بنسبة 8% يعني بداية سوق هابطة جديدة؟
لا بالضرورة، فالمعطيات تشير إلى تصحيح قوي مرتبط بعوامل كلية وتصفيات عالية، وليس تغيرًا جذريًا في الاتجاه طويل الأجل.
ما السبب الرئيسي وراء هذا الهبوط مع بداية ديسمبر؟
تداخل عدة عوامل، أبرزها تفكيك صفقات الين الياباني، انكماش السيولة العالمية، وكسر مستويات دعم فنية مهمة تسببت في تصفيات واسعة.
هل إشارات التحليل الفني تؤكد استمرار الهبوط؟
على المدى القصير نعم، حيث تظهر المتوسطات المتحركة وMACD زخمًا هابطًا، لكن RSI في مناطق تشبع بيعي ما يفتح المجال لارتداد تصحيحي.
ماذا تعني التصفية التي تجاوزت 650 مليون دولار؟
تعني خروجًا قسريًا للمراكز الطويلة الممولة بالرافعة المالية، وهو ما يسرّع الهبوط مؤقتًا ويزيد من حدة التقلب.
هل لا تزال المؤسسات تستثمر في البيتكوين رغم التراجع؟
نعم، إذ تظهر التدفقات على صناديق ETF وعمليات الشراء المؤسسي أن الثقة طويلة الأجل ما زالت قائمة.
هل من المتوقع عودة السعر فوق 90,000 دولار قريبًا؟
ذلك يعتمد على تحسن الظروف الكلية وعودة السيولة، وقد يسبقه تذبذب وارتدادات قصيرة قبل أي اختراق قوي.
ما هو السيناريو الأقرب خلال الفترة القادمة؟
تذبذب مرتفع مع احتمالية ارتداد تصحيحي قصير الأجل، مقابل بقاء الاتجاه العام معتمدًا على عوامل الاقتصاد الكلي والسيولة.








