تداول العملات الرقمية

هل العملات الرقمية حلال؟ | 🕌 آراء دور الإفتاء والهيئات الشرعية

بات السؤال الأبرز في أذهان كثير من المسلمين حول العالم: هل العملات الرقمية حلال أم حرام؟
سؤال لا يمكن تجاهله، خاصة مع الانتشار المتزايد للبتكوين والعملات المشفرة الأخرى، ودخولها كوسيلة تداول واستثمار في أسواق المال.

لذلك، نعرض لكم اليوم القرار الرسمي لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، والذي جاء بعد دراسة متأنية ومناقشات علمية مستفيضة، تُسلّط الضوء على الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الظاهرة الحديثة.

تعريف العملات الرقمية وأهم آليات التعامل بها

لقد اتضح من أبحاث المجمع أن مصطلح “العملات الإلكترونية” يشمل طيفًا واسعًا من المفاهيم، بدءًا من بطاقات الائتمان والشيكات الإلكترونية، إلى العملات الرقمية المشفّرة مثل البتكوين، والإيثيريوم، والريبل.

هل العملات الرقمية حلال تعرف على فتوى دور الشريعة

وتتميّز هذه العملات بعدة خصائص تجعلها مختلفة عن الأموال التقليدية:

  • لا وجود مادي لها: فهي مجرد أرقام مشفّرة مخزنة إلكترونيًا.
  • تُتداول بدون وسطاء: يُطلق على هذا النظام اسم “الند للند (P2P)”.
  • مدعومة بتقنية البلوكشين: وهي تقنية تتيح تسجيل جميع المعاملات بشكل شفاف وغير قابل للتزوير.
  • تتمتع بقدر كبير من الغفلية (anonymity): حيث يمكن التداول بها باستخدام أسماء مستعارة، مما يثير بعض المخاوف القانونية والأخلاقية.

كما تُصنّف العملات الرقمية إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

  1. عملات أصلية (coins): مثل البتكوين.
  2. بدائل العملات (altcoins): مثل الإيثيريوم واللايت كوين.
  3. رموز رقمية (tokens): تُستخدم في منصات تداول الأصول الرقمية والسلع.

أبرز المخاطر المرتبطة بالعملات الرقمية

رغم ما تحققه العملات الرقمية من سهولة في التحويلات وسرعة في الأداء، إلا أن العديد من المخاطر تكتنف استخدامها، أبرزها:

  • التقلبات السعرية الحادة: يمكن لقيمة العملة أن ترتفع أو تنخفض بشكل مفاجئ.
  • عدم وجود جهة مركزية تنظمها أو تضمنها.
  • إمكانية استخدامها في أنشطة مشبوهة نتيجة الغفلية.
  • تفاوت التشريعات بين الدول بشأن مشروعيتها وتنظيمها.

وقد ألزمت بعض الدول مثل ماليزيا المنصات الإلكترونية بالحصول على تراخيص رسمية، وأوجبت تسجيل الهوية الشخصية عند التعامل، للحد من تلك المخاطر.

الحكم الشرعي… هل العملات الرقمية حلال أم لا؟

في خضم هذه المعطيات، وقف العلماء طويلًا لبحث الحكم الشرعي المتعلق بتلك العملات، وقد لخص مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى ما يلي:

“لا يمكن إصدار حكم شرعي نهائي وجازم بشأن العملات الرقمية في الوقت الحالي”.

ويرجع ذلك إلى وجود قضايا شرعية لا تزال محل نقاش، منها:

  • ما طبيعة هذه العملات؟ هل تُعدّ أصولًا رقمية؟ أم سلعًا؟ أم وسائل تبادل؟
  • هل هي مال متقوَّم شرعًا؟ أي هل يمكن اعتبارها مالًا معتبرًا في الشريعة الإسلامية؟
  • هل يترتب على التعامل بها ضرر محقق أو مفسدة غالبة؟

وبناء على هذه التساؤلات، أكد المجلس أنه لا بد من مواصلة البحث والدراسة، وعدم التسرّع في الحكم، نظرًا لتعقيد المسألة وتداخلها مع جوانب اقتصادية وتقنية وأمنية.

توصيات العلماء… بين الحذر والدعوة للبحث

ختامًا، أوصى المجلس بما يلي:

  • الحذر من الانخراط غير الواعي في التعامل بالعملات الرقمية.
  • التريث حتى تتضح الجوانب الشرعية والاقتصادية المتعلقة بها.
  • دعم الأبحاث الجادة التي تجمع بين الشرع والاقتصاد الرقمي لفهم أعمق.

و هناك فتاوى شرعية صادرة عن جهات دينية معتبرة تتناول حكم التعامل بالعملات الرقمية، وتستند إلى دراسات معمقة في فقه المعاملات المالية. إليك أبرز ما ورد في هذه الفتاوى:

⚖️ فتوى موقع “الإسلام سؤال وجواب”

أوضح موقع “الإسلام سؤال وجواب” أن التداول بالعملات الرقمية يتطلب مراعاة الضوابط الشرعية التالية:

  1. التقابض في المجلس: عند مبادلة عملة رقمية بأخرى أو بعملة نقدية، يجب أن يتم التقابض في المجلس.
  2. الملكية الفعلية: يجب أن يقتصر التعامل على ما يملكه الإنسان من العملات، فلا يجوز التعامل بالهامش أو المارجن، حتى لو خلا ذلك من رسوم التبييت، لوجود محذور الجمع بين سلف وسمسرة.

🕌 آراء دور الإفتاء والهيئات الشرعية

  • دار الإفتاء المصرية: أصدرت فتوى في عام 2017 تُحرم فيها التداول بالعملات الرقمية، نظرًا للمخاطر الاقتصادية والشبهات الشرعية المتعلقة بالغرر والربا.
  • الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات: في عام 2021، صرّحت بأنه يمكن التعامل بالعملات الرقمية الافتراضية والتجارة بها، مع ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية.
  • الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: أصدر قرارًا في سبتمبر 2022 يُحرم فيه التعامل بعملة البتكوين والعملات الرقمية الأخرى غير الرسمية، لعدم توافر أركان العملات وشروط النقود الشرعية فيها.

خلاصة القول

تتباين آراء العلماء والهيئات الشرعية حول حكم التعامل بالعملات الرقمية، إلا أن هناك إجماعًا على ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية في أي تعامل مالي. ينبغي للمسلمين التحري والتثبت من مشروعية هذه المعاملات، واستشارة أهل العلم المختصين لضمان التوافق مع الشريعة الإسلامية.

كلمة أخيرة

العملات الرقمية قد تكون بابًا للثروة أو للفتنة…
وبين الإغراءات المالية والتقلبات المفاجئة، يبقى الميزان الشرعي هو الأداة التي نحتكم إليها كمسلمين. فلا تتسرع في الدخول لهذا العالم دون علم شرعي، واستشارة أهل الاختصاص.
واسأل نفسك دائمًا: “هل ما أفعله يرضي الله؟”
فمن ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه.

للمزيد من التفاصيل، يمكن الرجوع إلى المصادر التالية:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى