لا شيء يثير اهتمام المستثمرين أكثر من تحركات البيتكوين، خاصة عندما تقترب من مستويات سعرية نفسية حرجة مثل 100,000 دولار. ومع تزايد التوترات السياسية، وتصاعد المخاوف الاقتصادية، وتقلبات البيانات المالية الأمريكية، يتحول تحليل البيتكوين إلى أداة لا غنى عنها لفهم الاتجاهات المستقبلية للسوق. في هذا المقال، نغوص في أعماق المشهد الحالي للبيتكوين، مستعرضين العوامل الفنية والأساسية التي تؤثر على سعره، وماذا تعني هذه المرحلة للأسواق الرقمية ككل.
مع دخول البيتكوين تحت الضغط هل يبدأ الانهيار؟
يتذبذب سعر البيتكوين حاليًا حول مستوى 100,000 دولار، وهو رقم رمزي يحمل ثقلًا نفسيًا وتقنيًا على حد سواء. فقد تراجع السعر إلى 100,400 دولار في 6 يونيو 2025، ثم تعافى قليلًا ليصل إلى 103,676 دولار، ولكن دون أي تأكيد على استعادة الزخم الصاعد. المؤشرات الفنية مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) بدأت تشير بوضوح إلى اتجاه هبوطي مستمر، مما يُنذر بمزيد من التصحيح خلال الأيام المقبلة.
ما يُعزز المخاوف أن معظم المحللين والمتداولين بدأوا يتوقعون أهدافًا هبوطية تتراوح بين 87,000 و 95,000 دولار، حيث تتواجد الدعوم التالية. وقد صرّح المتداول الشهير “رومان” على منصة X:
“لقد بدأ انهيار البيتكوين. أراقب 95,000 وربما أقل.”
الا ان سعر البيتكوين الآن Bitcoin: 
$106,186.000000 -1.20% يبدو صاعد بعكس توقعات المحللين.
هذا التحوّل في السلوك السعري لا يجب تجاهله، لا سيما مع دخولنا منطقة مليئة بالمحفزات الاقتصادية والسياسية.
عمليات تصفية 980 مليون دولار في 24 ساعة تزلزل السوق
من أبرز المؤشرات على ضعف السوق، ما حدث مؤخرًا من تصفية جماعية للمراكز المفتوحة. حيث شهدت الأسواق الرقمية أكبر يوم تصفية لها منذ فبراير الماضي، مع محو أكثر من 979.9 مليون دولار من السوق خلال 24 ساعة فقط بحسب بيانات منصة باينانس. البيتكوين وحده تكبّد خسائر تصفية بلغت 342.9 مليون دولار.
والمثير أن النسبة الأكبر كانت من المراكز الطويلة، أي أن الأغلبية كانت تراهن على ارتفاع السعر، مما يزيد من حدة الخسائر النفسية لدى المستثمرين. العملات البديلة لم تكن أفضل حالًا، حيث خسر كل من عملة SUI وSOL أكثر من 7%، بينما هبطت عملة DOGE بنسبة تقارب 9%.
تظهر هذه التصفية الضخمة أن السوق لا يزال هشًا، ومكشوفًا أمام أي صدمة مفاجئة سواء على الصعيد الفني أو الاقتصادي.
صراع ترامب وماسك الصدى السياسي يهز أسواق الكريبتو
الاضطرابات في عالم العملات الرقمية لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل باتت الأحداث السياسية جزءًا لا يتجزأ من تحليل البيتكوين. فقد أشعل الصراع بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس شركة تسلا إيلون ماسك أجواءً من التوتر داخل الأسواق.
ترامب اتهم ماسك بالتلاعب المالي ودعا إلى حرمان شركاته من العقود الحكومية، بينما رد ماسك باتهام ترامب بالفشل في دعم الاقتصاد الرقمي. هذه المناوشات، رغم أنها تبدو سياسية في ظاهرها، إلا أنها تؤثر على نظرة المستثمرين تجاه التنظيمات المستقبلية للعملات المشفرة، وتثير القلق من تحول مزاج البيت الأبيض تجاه هذا القطاع.
وفقًا لمنصة Santiment لتحليل البيانات على السلسلة:
“هذا الانفصال العام قد يولد ردود فعل متباينة، حيث يخشى البعض من تداعيات سلبية طويلة الأجل.”
الطرح العام لشركة Circle محفّز جديد للتقلبات
وسط هذا الغموض، دخلت شركة Circle (CRCL) — مُصدِر عملة USDC المستقرة — سوق الأسهم في بورصة نيويورك. وعلى الرغم من أن الطرح كان ناجحًا بامتياز من حيث الأداء السعري، إذ ارتفعت أسهمها بنسبة 167% في أول يوم تداول، إلا أن العديد من المتداولين استحضروا تجربة Coinbase في 2021، حيث تبع الطرح تصحيح قاسٍ.
هذا الإدراج قد يكون بمثابة سيف ذو حدين: فهو يبرز أهمية العملات المستقرة وتوسع اعتمادها المؤسسي، لكنه في الوقت نفسه قد يُغري بعض المستثمرين بجني الأرباح من السوق الأوسع، ما يضيف إلى ضغط البيع.
لمزيد من التفاصيل عن الطرح العام لشركة Circle، يمكن الرجوع إلى موقع Nasdaq الرسمي.
مقاومات حرجة ودعوم ضعيفة قراءة فنية للسوق
من الناحية الفنية، تُسلط البيانات من CryptoQuant الضوء على مستوى 106,200 دولار كمقاومة حاسمة ترتبط بتكلفة المراكز القصيرة الجديدة، في حين يُعد 97,500 دولار دعمًا حاسمًا للمستثمرين ذوي المدى المتوسط. أي كسر دون مستوى 100,000 دولار دون وجود دعم شرائي قوي، قد يُطلق موجة بيع سريعة تدفع بالسوق إلى 95,000 ثم 87,000 دولار.
هذا ما يُعرف في التحليل الفني بـ “منطقة القرار”، حيث تتحدد ملامح السوق التالية.
بيانات التضخم الأمريكية والفيدرالي في دائرة الضوء
تتجه الأنظار الآن إلى بيانات التضخم الأمريكية، خاصة مؤشري CPI وPPI لشهر مايو، المتوقع صدورهما في 11 و12 يونيو 2025. هذه البيانات قد تكون حاسمة في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع لجنة السوق المفتوحة لاحقًا هذا الشهر.
الأسواق حالياً تُقدّر بنسبة 72% أن يتم خفض سعر الفائدة بمقدار 0.25% في سبتمبر، ولكن أي مفاجآت تصاعدية في التضخم قد تؤدي إلى تثبيت الفائدة أو حتى تشديد السياسة النقدية أكثر، وهو ما سيكون سلبيًا جدًا على الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين.
شركة Mosaic Asset حذرت من أن:
“إذا انتعش التضخم بسبب ارتفاع تكاليف التجارة أو أسعار الطاقة، فقد يبقى الفيدرالي متشددًا لفترة أطول مما كان متوقعًا.”
معركة 100,000 دولار ومن سيربح
بين ضغوط البيانات الاقتصادية، وتدخلات السياسة، وتقلبات الأسواق التقليدية، يقف البيتكوين على حافة قرار مصيري. مستوى 100,000 دولار أصبح هو “أرض المعركة” بين الثيران والدببة. أي اختراق ناجح فوق 106,000–107,800 دولار قد يُعيد الزخم الصاعد ويفتح الباب أمام اختبار المستويات القياسية مجددًا عند 112,000 وربما 120,000 دولار.
لكن في حال تم كسر هذا المستوى إلى الأسفل، فالمستويات التي يتفق عليها المحللون كدعوم مرجحة هي: 97,500 – 95,000 – 87,000 دولار. ولذا، فإن الأيام القادمة ستكون حاسمة، ليس فقط لسعر البيتكوين، ولكن لمعنويات السوق بأكمله.
الخلاصة
في خضم هذه العاصفة من المؤثرات السياسية والاقتصادية والتقنية، يبدو أن تحليل البيتكوين بات ضرورة أكثر من كونه رفاهية. إذ يساعد هذا التحليل في فهم أعمق للسوق، وربط الأحداث الكبرى بالحركة السعرية، والتنبؤ بأين قد يتجه السوق بعد ذلك.
إن معركة مستوى 100,000 دولار ليست فقط رقمية أو حسابية، بل تمثل اختبارًا نفسيًا للمستثمرين، واختبارًا سياسيًا للمؤسسات، واختبارًا تقنيًا للبنية السوقية ككل. وبين صراع ترامب وماسك، وانتظار تقارير التضخم، والمخاوف من التصفية، يبقى البيتكوين في منطقة الخطر.
لذا، إن كنت مستثمرًا أو مهتمًا بمجال العملات الرقمية، فمراقبة تطورات تحليل البيتكوين خلال هذه المرحلة سيكون بمثابة قراءة مستقبل السوق الرقمي بأكمله.
إخلاء المسؤولية
المحتوى الوارد في هذا المقال لأغراض معلوماتية وتحليلية فقط، ولا يُعد توصية مالية أو استثمارية أو دعوة للبيع أو الشراء لأي أصل رقمي. يجب على القرّاء إجراء أبحاثهم الخاصة واستشارة مستشار مالي معتمد قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. تداول العملات الرقمية ينطوي على مخاطر عالية، وقد يؤدي إلى خسارة رأس المال بالكامل. لا يتحمل الكاتب أو المنصة أي مسؤولية عن أي خسائر محتملة ناتجة عن الاعتماد على المعلومات المقدمة هنا.
