هل سهم الراجحي يستحق الاستثمار طويل الأجل في 2025؟ نظرة تحليلية

يُعد سهم الراجحي (TADAWUL: 1120) من أبرز أعمدة السوق السعودية وأكثرها ثباتًا وأداءً من حيث الاستقرار المالي والعوائد المنتظمة. وقد شكّل هذا السهم لسنوات طويلة عنصرًا أساسيًا في محافظ المستثمرين الأفراد والمؤسسات، نظرًا لقوة مركزه المالي، ووضوح نموذج عمله، وتناسق نتائجه الربعية. لكن مع اقتراب السهم من مستويات 93 ريال في يونيو 2025، بعد مرحلة من التصحيح الفني.

يبرز السؤال الأهم: هل لا يزال سهم الراجحي خيارًا آمنًا وواعدًا للاستثمار طويل الأجل؟
في هذا المقال. سنقدم تحليلًا شاملًا يجمع بين قراءة المؤشرات الفنية على الإطار الزمني الشهري، وتحليل القوائم المالية الأساسية، ومقارنة السهم بأقرانه في القطاع المصرفي، لنخرج برؤية استراتيجية واضحة للمستثمر متوسط إلى طويل الأجل.

الأداء التاريخي لسهم الراجحي بين الصعود والتصحيح

شهد سهم الراجحي صعودًا قويًا بدءًا من النصف الثاني من عام 2022، حين لامس مستوى 64 ريال، قبل أن يدخل في موجة صاعدة امتدت حتى تجاوز السهم مستوى 105 ريال في بدايات 2024. هذا الارتفاع جاء مدعومًا بعدة عوامل أبرزها بيئة الفائدة المرتفعة التي رفعت من هامش الربحية لدى البنوك، إضافة إلى النمو المستمر في التمويل الشخصي، والعقاري، وتحسن ملحوظ في إدارة التكاليف.

لكن كما هي العادة في الأسواق المالية، لم يكن هذا الصعود مستمرًا بلا توقف. إذ شهد السهم في الأشهر الأخيرة من 2024 ومطلع 2025 تصحيحًا هابطًا أعاد السعر إلى منطقة 88 ريال تقريبًا، وهو ما مثّل دعمًا فنيًا قويًا واستراتيجيًا. وقد عاود السهم الارتفاع منه مجددًا ليُغلق عند 93.3 ريال في جلسة 4 يونيو 2025. اللافت أن هذا المستوى يمثل نقطة توازن مهمة بين الحذر والمضاربة، مما يستدعي تحليلًا عميقًا لاتخاذ القرار الاستثماري الصحيح.

الصورة الفنية قناة صاعدة واستعادة للزخم الإيجابي

الرسم البياني الشهري يكشف عن تفاصيل مهمة. فالسهم يتحرك ضمن قناة صاعدة منذ عام 2022، وقد قام باختبار الحد السفلي لها في مايو 2025، قبل أن يرتد بقوة ويغلق شمعة شهرية خضراء، تعيد الأمل إلى المتداولين بأن المسار الصاعد ما زال قائمًا. هذا النمط السعري لا يُظهر فقط رد فعل إيجابي عند الدعم، بل أيضًا يعكس دخول سيولة قوية عند هذه المستويات، ما يدل على أن المستثمرين الكبار يرون في السعر الحالي فرصة للشراء.

المؤشرات الفنية تدعم هذا التوجّه؛ حيث يتحرك مؤشر القوة النسبية (RSI) عند مستويات 56، وهي منطقة حيادية تميل للصعود. في الوقت نفسه، يستقر السعر فوق متوسط 20 و50 شهرًا، مما يعزز من فرص العودة لاختبار مستويات المقاومة التالية عند 96 ثم 105 ريال، والتي تمثل قممًا سابقة ومسارات مهمة على المدى المتوسط. استمرار السعر فوق مستوى 88 ريال على الإغلاق الشهري، يبقى شرطًا أساسيًا لبقاء الاتجاه العام صاعدًا.

قوة الأساسيات المالية واستدامة النمو في سهم الراجحي

من الناحية المالية، لا يزال مصرف الراجحي يُظهر ثباتًا ملحوظًا في أدائه التشغيلي. ففي نتائج الربع الأول من عام 2025، سجّل البنك أرباحًا بلغت 1.41 ريال لكل سهم، متجاوزًا تقديرات السوق البالغة 1.35 ريال. كما بلغت الإيرادات الفصلية نحو 9.2 مليار ريال، وسط نمو مستقر في صافي دخل التمويل والاستثمار. الجدير بالذكر أن هامش الربح الصافي بلغ ما يقارب 33.6%، وهو من أعلى المعدلات في القطاع المصرفي الخليجي، ويعكس كفاءة تشغيلية قوية.

إضافة إلى ذلك، يحتفظ البنك بمستوى عالٍ من السيولة النقدية، ويدير محفظة تمويل متوازنة تشمل الأفراد والشركات والتمويل العقاري، دون انكشاف كبير على قطاعات عالية المخاطر. كل هذه العوامل تجعل السهم جذابًا من الناحية الاستثمارية، خصوصًا للمستثمرين الذين يقدّرون الشركات ذات الدخل المستقر والمخاطر المنخفضة.

مقارنات قطاعية: هل الراجحي هو الأفضل من حيث القيمة؟

عند مقارنة سهم الراجحي بمنافسيه في القطاع المصرفي، نلاحظ أن مكرر الربحية (P/E) البالغ 17.9 مرة يُعد ضمن النطاق المتوسط، حيث يعتبر أعلى قليلًا من الأهلي السعودي (15.6) والإنماء (13.2)، لكنه في المقابل يعكس استقرارًا أعلى وربحية أكثر تكرارًا.
أما من حيث عائد التوزيع النقدي، فالعائد الحالي البالغ 2.90% قد يبدو منخفضًا نسبيًا، لكنه يعكس سياسة توزيعات محافظة ومستدامة، إذ يحتفظ البنك بجزء كبير من أرباحه لدعم النمو الداخلي وتوسعة العمليات.

إذا أخذنا في الاعتبار قوة التوزيعات وانتظامها، وثبات الأرباح عبر السنوات، فإن الراجحي يتفوق على كثير من منافسيه من حيث “الجاذبية طويلة الأجل”، خاصة إذا كان الهدف هو بناء دخل شبه ثابت ومستمر دون المخاطرة برأسمال الاستثمار.

الفرص والمخاطر: أين يركز المستثمرون؟

رغم كل الإيجابيات، يجب على المستثمرين أن يكونوا واعين للمخاطر المحتملة. فعلى رأسها، يأتي الاعتماد الكبير على السوق المحلية، مما يجعل البنك أكثر عرضة للتباطؤ الاقتصادي المحلي، أو لتغيرات فجائية في السياسات النقدية والمالية في السعودية. كذلك، فإن أي تراجع في أسعار النفط قد ينعكس بشكل غير مباشر على النشاط الاقتصادي، وبالتالي على حجم الإقراض والعوائد.

على الجانب الآخر، هناك فرص واضحة قد تدفع بالسهم إلى مستويات أعلى خلال الفترة القادمة، ومنها استمرار ارتفاع الفائدة أو بقائها مرتفعة لفترة أطول، مما يعزز دخل التمويل للبنك. كذلك، فإن أي توجه من البنك لرفع توزيعاته النصف سنوية، أو الإعلان عن مبادرات نمو رقمي أو توسع في الخدمات الاستثمارية، قد يُعيد الزخم الشرائي القوي للسهم.

الخلاصة

هل سهم الراجحي مناسب للاستثمار البعيد؟ باختصار، نعم، سهم الراجحي يُعد خيارًا استثماريًا طويل الأجل ذا جودة عالية، خصوصًا في ظل بيئة مستقرة نسبيًا، وقوة مالية متينة، وتوزيعات منتظمة. الأداء الفني يدعم التوجه الإيجابي، بشرط الحفاظ على مستوى الدعم 88 ريال كخط فاصل بين الصعود والتراجع. ومع توصية أغلب المحللين بالشراء وسعر مستهدف يبلغ 105 ريال، يظل السهم ضمن النطاق الجاذب للمستثمرين الباحثين عن توازن بين العائد والمخاطرة.

ولمن يخطط لبناء محفظة استثمارية دفاعية في السوق السعودية، فإن سهم الراجحي يستحق أن يُشكّل أحد أعمدتها الأساسية. الاستثمار فيه ليس للمضاربة قصيرة الأجل، بل لبناء مركز طويل الأمد على مدى السنوات القادمة، خاصة إن تم الشراء عند التراجعات وتثبيت العوائد من التوزيعات السنوية.

⚠️ تنويه مهم

جميع الآراء المذكورة في هذا التحليل تُقدم لأغراض تعليمية وتحليلية فقط، ولا تُعد توصية مباشرة بالشراء أو البيع. يُنصح دائمًا بمراجعة مستشارك المالي قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

الأسئلة الشائعة حول سهم الراجحي في 2025