تحوّل محوري يُبشّر بانطلاقة جديدة في عالم العملات الرقمية، أطلقت شبكة Pi Network خارطة الطريق الرسمية لهجرتها نحو الشبكة الرئيسية. هذه الخطوة ليست مجرد مرحلة انتقالية، بل هي إيذان ببداية عهد جديد لعُملة باي التي طال انتظارها، ونقلة نوعية تعكس رؤية المشروع الطموحة في بناء اقتصاد رقمي لامركزي يقوده المستخدمون أنفسهم.
في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا الإعلان التاريخي، نستعرض الأولويات، نفك شيفرة التوكنوميكس، ونكشف كيف ستُحدث Pi ثورة حقيقية في مشهد البلوكشين العالمي.
لماذا تُعد الهجرة إلى الشبكة الرئيسية لحظة تاريخية؟
في حين تعتمد معظم المشاريع المشابهة على إنزال جوي تقليدي يفتقر إلى العمق، تميزت شبكة Pi Network بمنهجية دقيقة ومعقدة في التخطيط لهجرتها. تستند هذه العملية إلى بيانات تعدين تم تجميعها على مدى أكثر من ست سنوات من العمل، مما يعكس مدى جدية المشروع في مكافأة المشاركين الحقيقيين واستبعاد الغشاشين، والحفاظ على العدالة والنزاهة في توزيع الثروة الرقمية الجديدة.

الهجرة هنا لا تعني فقط نقل الرموز من شبكة تجريبية إلى شبكة رئيسية، بل تمثل اعترافًا بكل لحظة من المشاركة، وبكل عملية تعدين قام بها الملايين من الرواد. إن نجاح Pi في نقل أكثر من 12 مليون حساب فعلي إلى الشبكة الرئيسية يُعد إنجازًا استثنائيًا في حد ذاته، ويؤكد على قدرة المشروع على التوسع دون التضحية بالأمان أو تجربة المستخدم، لا سيما وأن كل ذلك تم بدون الحاجة إلى أي رسوم فيات من المستخدمين.
خطة الهجرة والرحلة الدقيقة تبدأ بخطوات مدروسة
استكمال الهجرات الأولية
تركّز شبكة Pi في هذه المرحلة على استكمال عمليات الهجرة للمستخدمين الموجودين في قائمة الانتظار، وهي تشمل مجموعة واسعة من المكافآت التي تم التحقق منها بعناية، مثل مكافآت التعدين الأساسية، مكافآت دائرة الأمان التي تُعد العمود الفقري لنظام الثقة داخل الشبكة، مكافآت القفل، مكافآت استخدام التطبيقات اللامركزية (Pi Utilities)، ومكافآت العقد التي تعزز اللامركزية.
هذه الخطوة ليست فقط نقلًا للرصيد بل هي اعترافٌ رسمي بمساهمات سنوات من الالتزام والمشاركة النشطة في بناء النظام.
المرحلة الثانية
بمجرد الانتهاء من المرحلة الأولى، تنتقل الشبكة إلى المرحلة الثانية التي تركز على مكافآت الإحالة المُرتبطة بالمستخدمين الذين اجتازوا بنجاح عملية “اعرف عميلك (KYC)”. هذه المرحلة تعكس فلسفة Pi في تعزيز قوة المجتمع والمشاركة الجماعية، حيث يُكافأ القادة الذين ساهموا في نمو الشبكة من خلال بناء فرق وتوسيع القاعدة الجماهيرية.
الهجرات الدورية
لتجنب التراكمات وضمان عدالة التوزيع، ستتحول شبكة Pi لاحقًا إلى نمط هجرات دوري ومنتظم، قد يكون شهريًا أو ربع سنوي. ستشمل هذه الدفعات جميع أنواع المكافآت المستحقة وتمنح كل رائد فرصة مستمرة للهجرة متى ما استوفى الشروط.
ومن المهم توضيح أن هناك فرقًا طبيعيًا بين الرصيد القابل للتحويل الذي يظهر في واجهة المستخدم، وبين الرصيد الفعلي الذي يتم ترحيله فعليًا إلى الشبكة الرئيسية. السبب في ذلك هو أن الواجهة تعرض تقديرات تقريبية لتوفير الموارد، في حين أن الرصيد المُرحّل يتطلب عمليات حسابية معقدة ودقيقة، تشمل مراجعة كل جلسة تعدين منذ انضمام المستخدم.
لذلك، فإن الأرقام المبدئية المعروضة قد تكون أقل من الواقع، لكن الدقة هي الهدف الأسمى.
الاقتصاد الرقمي لعملة باي توكنوميكس مدروسة لمستقبل قوي
100 مليار رمز… ولكن بتوزيع عادل واستراتيجي
تم تحديد الحد الأقصى لعرض عملة Pi عند 100 مليار رمز، ولكن العبقرية تكمن في طريقة توزيع هذا العرض. فقد تم تخصيص 65 مليار رمز (65%) لمكافآت التعدين المجتمعية، وهي النسبة الأكبر، مما يعكس التزام الشبكة بجعل المجتمع هو القلب النابض للمشروع.
بينما تم تخصيص 10% للاحتياطي المؤسسي لدعم الابتكار والاستدامة، و5% لتوفير السيولة اللازمة لدعم التداول، و20% للفريق المؤسس الذي أوصل الشبكة إلى هذه المرحلة المتقدمة.
هذا التوزيع ليس ثابتًا فقط بل يتكيّف بشكل ديناميكي مع معدل الهجرة. إذ إن كل نسبة تتبع مكافآت التعدين المُهاجرة، مما يعني أن التوازن في التخصيصات يبقى مستقرًا بغض النظر عن توقيت الهجرة أو حجم المستخدمين.
العرض الفعلي مقابل العرض النظري
العرض الفعلي الجاري لعُملة Pi يُحسب من خلال قسمة إجمالي مكافآت التعدين المُرحلة على 65%، ثم توزيع النسب الأخرى بناء على هذا الرقم. وبهذا الأسلوب، تُحافظ الشبكة على الشفافية الكاملة، وتمنع أي تضخم غير مدروس في السوق. حتى وإن كانت جميع الرموز قد تم سكّها مسبقًا لأغراض فنية حسب متطلبات البلوكتشين، إلا أن آلية التخصيص تضمن حيادية الأداء ومواءمة المصلحة الجماعية لكل أطراف النظام.
آلية التعدين بنظام ذكي يُكافئ الفاعلين الحقيقيين
تعتمد شبكة Pi على آلية تعدين غير تقليدية تم تطويرها بعناية لتناسب هدفها في تحقيق اللامركزية الشاملة والنمو المستدام. تقوم الآلية على نموذج تناقص أُسّي شهري، يُخفض كمية الرموز التي يتم إصدارها تدريجيًا لضمان ندرة العملة وزيادة قيمتها مع الوقت.
ما يجعل النظام فريدًا هو أن مكافآت التعدين ليست ثابتة أو عشوائية، بل ترتبط بمساهمات المستخدم نفسه. فكل من يشارك في دوائر الأمان، أو يُشغّل عقدة على الشبكة، أو يستخدم تطبيقات Pi Utility، يحصل على مكافآت أعلى بناءً على مستوى نشاطه. هذه المساهمات تُحسب كمضاعفات لمعدل التعدين الأساسي، مما يعني أن كل رائد يستطيع التحكم بمصيره داخل النظام.
بمرور الوقت، ونظرًا لتراجع الإمدادات الشهرية، سيقل معدل التعدين الأساسي تدريجيًا، مما يزيد من قيمة كل رمز يتم توليده، ويُحفّز المستخدمين على المشاركة الفاعلة في الوقت الحاضر.
الخلاصة
شبكة Pi Network تُحقق الوعد وتفتح أبواب المستقبل، وتؤكد شبكة Pi من خلال إعلانها هذا، التزامها الصادق تجاه الملايين من الرواد الذين آمنوا بالفكرة وساهموا في بناء هذا المشروع من الألف إلى الياء. الهجرة إلى الشبكة الرئيسية ليست فقط مكافأة مستحقة، بل هي خطوة حاسمة نحو تحقيق الرؤية الكُبرى: شبكة لامركزية يقودها المجتمع، ترتكز على الشفافية، وتُعيد تعريف مفاهيم الثقة والمشاركة الرقمية.
توكنوميكس Pi، وآلية التعدين الذكية، وخطة الهجرة المتقنة، كلها عناصر تؤكد أننا أمام مشروع وُلد ليبقى. فالمستقبل بدأ الآن، والفرصة لا تزال متاحة للجميع ليكونوا جزءًا من هذه الثورة.
هل ستنتظر أم ستكون من بناة الجيل الجديد؟ Pi Network لم تعد فكرة… إنها واقعٌ يتشكل الآن.