شهد سوق النفط خلال الأسبوع الثاني من يوليو 2025 حالة من التذبذب في الأسعار بين مستويات متوسطة إلى مرتفعة نسبيًا، نتيجة مزيج من العوامل الموسمية والجيوسياسية. ارتفع خام برنت Brent ليُسجل نحو 70.24 دولارًا للبرميل في 11 يوليو، بينما بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط WTI حوالي 68.28 دولارًا. يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بزيادة ملحوظة في الطلب العالمي، خاصةً من الأسواق الآسيوية، وتحديدًا الصين والهند.
بحسب التقرير الأخير من discoveryalert.com.au، فإن أسعار النفط خلال هذا الأسبوع قد ارتفعت بنسبة تتراوح بين 2% إلى 2.6% على أساس أسبوعي، مما يعكس توقعات المستثمرين بوجود دعم قصير الأمد للأسعار نتيجة الطلب المتزايد في موسم الصيف وتراجع المخزون الأمريكي خلال الأسبوع السابق.
العرض والطلب العالمي والفجوة المستمرة في سوق النفط
في إطار تحليل ديناميكيات سوق النفط العالمية، تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية (IEA) إلى أن العرض العالمي من النفط سيتجاوز الطلب بفارق واضح خلال ما تبقى من 2025. وبحسب التقرير المنشور بتاريخ 10 يوليو، يتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي بنحو 2.1 مليون برميل يوميًا هذا العام، يُضاف إليها 1.3 مليون برميل يوميًا إضافية في عام 2026، مدفوعة في الأساس من دول خارج منظومة “أوبك+” مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل.

في المقابل، تشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمعدل أبطأ، بحوالي 700–720 ألف برميل يوميًا فقط في 2025، ما يعني أن السوق يتجه نحو فائض في المعروض قد يُبقي الأسعار تحت ضغط خلال النصف الثاني من العام. وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع معدلات التكرير في الصيف—بأكثر من 3.7 مليون برميل يوميًا بين مايو وأغسطس—يعد مؤشرًا قويًا على الاستجابة الموسمية للطلب، لكن هذا التوازن المؤقت قد لا يصمد أمام التوسع الإنتاجي في نهاية المطاف. (المصدر: WSJ – Global Oil Supply Forecast).
العوامل الجيوسياسية وتأثيرها على سوق النفط
لا يمكن تحليل سوق النفط دون التوقف عند البُعد الجيوسياسي وتأثيره المباشر على حركة الأسعار. خلال الأيام الماضية، عادت التوترات إلى الواجهة بسبب تهديدات متبادلة بين إيران وبعض القوى الغربية بإغلاق مضيق هرمز، الممر الذي يمر عبره أكثر من 30% من تجارة النفط العالمية. وعلى الرغم من نفي الحكومة الإيرانية أي نية فورية للتصعيد، إلا أن مجرد ذكر السيناريو ترك أثرًا فوريًا على السوق، انعكس بزيادة المخاوف لدى المتداولين ودفع الأسعار إلى الصعود في بعض الجلسات.
علاوة على ذلك، فرضت الولايات المتحدة حزمة عقوبات جديدة على شبكات التهريب التي تُستخدم لنقل النفط الإيراني إلى بعض الدول الآسيوية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خفض الإمدادات بنحو 1.5% في حال تم تنفيذ هذه العقوبات بشكل فعال. وتبقى هذه المتغيرات مرشحة للتصاعد، مما يجعل سوق النفط شديد الحساسية للتطورات السياسية والعسكرية، خصوصًا في الشرق الأوسط.
دور الدول المنتجة وتوجهات أوبك+
ضمن موازين سوق النفط الحالية، يبرز موقف الدول المنتجة، وعلى رأسها السعودية وروسيا، بوصفها اللاعبين الأساسيين في ضبط السوق من خلال قرارات الإنتاج. قامت السعودية، في خطوة لافتة، برفع أسعار بيع النفط إلى آسيا خلال يوليو 2025، لتصل إلى أعلى مستوى في 4 أشهر، وهو مؤشر واضح على وجود ثقة سعودية بعودة الطلب الآسيوي إلى مستويات قوية. تعكس هذه الخطوة نية المملكة في الاستفادة من ارتفاع موسمي في الطلب لتحقيق أرباح أكبر.
في المقابل، أعلن تحالف أوبك+ في اجتماعه الأخير رفع الإنتاج بشكل طفيف بنحو 548 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من أغسطس المقبل، وهو ما يعكس محاولة لتوازن دقيق بين دعم السوق ومنع حدوث تضخم مفرط في الأسعار قد يضر المستهلكين. (المصدر: India Times – Oil Price Hike)
التوقعات السعرية وأداء السوق خلال ما تبقى من 2025
بالنظر إلى توقعات السوق، تتباين الرؤى بين البنوك الاستثمارية الكبرى والوكالات الدولية. على سبيل المثال، قامت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) بتحديث توقعاتها لسعر خام برنت في يوليو 2025 ليبلغ في المتوسط 69 دولارًا للبرميل، ارتفاعًا من التقديرات السابقة عند 66 دولارًا. ومع ذلك، فإن التوقعات لعام 2026 تتجه نحو التراجع إلى حوالي 58 دولارًا للبرميل نتيجة زيادة متوقعة في الإنتاج وتراجع النمو الاقتصادي العالمي.

أما جولدمان ساكس، فيتوقع أن تتراوح الأسعار ما بين 68 إلى 70 دولارًا خلال 2025، لكنه يُحذّر من احتمال نزول السوق إلى ما دون 60 دولارًا في حالة ارتفاع الإنتاج بشكل مفرط دون توافق بين كبار المنتجين. (المصدر: MRT.com – Oil Price Outlook).
الرؤية العامة لسوق النفط في المدى المتوسط
على المدى القريب، يبدو أن سوق النفط سيحافظ على نوع من الاستقرار النسبي عند مستويات تتراوح بين 66 و70 دولارًا للبرميل، مدفوعًا بطلب موسمي وتراجع المخزونات. إلا أن هذا الاستقرار يبقى هشًا في مواجهة متغيرات جيوسياسية أو قرارات إنتاجية مفاجئة.
أما على المدى المتوسط (2026 وما بعده)، فهناك احتمال قوي بأن يتحوّل السوق إلى فائض مستمر، خصوصًا إذا لم تُقابل الزيادات في الإنتاج العالمي بنمو كافٍ في الطلب. وعليه، فإن المستثمرين والمراقبين بحاجة إلى متابعة وثيقة لمواقف أوبك+، والعقوبات على الدول المنتجة، واستراتيجيات الطاقة البديلة وتأثيرها على الطلب النفطي الكلي.
توجهات الطاقة المتجددة وتأثيرها على سوق النفط
من بين العوامل الهيكلية التي تساهم في إعادة تشكيل ملامح سوق النفط العالمي، تبرز الطاقات المتجددة بوصفها أحد أهم المنافسين المستقبليين للوقود الأحفوري. فقد شهد النصف الأول من عام 2025 تسارعًا كبيرًا في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وخصوصًا في أوروبا والصين، حيث أعلنت الأخيرة تشغيل شبكات شمسية إضافية بسعة تفوق 40 غيغاواط خلال النصف الأول فقط. هذه التطورات تهدد بشكل مباشر الطلب طويل الأمد على النفط، خاصة في قطاعات النقل والطاقة الكهربائية.
مع دخول مركبات الطاقة النظيفة ومبادرات إزالة الكربون حيز التنفيذ في العديد من الاقتصادات الكبرى، فإن هذه الاتجاهات لا تُضعف فقط الطلب المستقبلي، بل تُقلل من نفوذ المنتجين التقليديين، مما يجعل الاستثمار في قطاع النفط أكثر حساسية وأقل استقرارًا على المدى الطويل.
مخزونات النفط الأمريكية والمؤشرات الاقتصادية
أحد المؤشرات المهمة التي يراقبها المستثمرون في سوق النفط هو حجم المخزونات النفطية الأمريكية، التي تعكس التوازن بين العرض والطلب في أكبر اقتصاد عالمي. وفقًا لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) الصادر في 10 يوليو 2025، فقد انخفضت مخزونات الخام بمقدار 3.4 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 5 يوليو، وهو ما فاق التوقعات التي كانت تُشير إلى انخفاض بنحو 2.2 مليون برميل فقط.
هذا التراجع يشير إلى استمرار الطلب القوي داخل الولايات المتحدة، وخاصة في قطاع النقل والصناعة، رغم تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض المناطق. كما عززت هذه البيانات ثقة الأسواق بأن السوق لا يزال متماسكًا نسبيًا من ناحية التوازن في المدى القصير.
أبرز مؤشرات سوق النفط – يوليو 2025
المؤشر | القيمة / البيانات | المصدر |
---|---|---|
سعر خام برنت (11 يوليو) | 70.24 دولارًا | discoveryalert.com.au |
سعر خام WTI | 68.28 دولارًا | المصدر نفسه |
فائض الإنتاج المتوقع 2025–2026 | +2.1 مليون برميل يوميًا | WSJ |
معدل نمو الطلب العالمي المتوقع | +700 ألف برميل يوميًا | وكالة الطاقة الدولية IEA |
الانخفاض في مخزون النفط الأمريكي | -3.4 مليون برميل | EIA – 10 يوليو 2025 |
متوسط توقعات سعر برنت (2025) | 69 دولارًا | MRT.com |
الخلاصة
يظهر من خلال البيانات والتحليلات أن سوق النفط يشهد حالة من التوازن المؤقت المدعوم بموسمية الطلب والقيود الجيوسياسية، إلا أن هذا التوازن هش ويعتمد بشكل كبير على قرارات المنتجين الكبار والتطورات الاقتصادية العالمية. في المقابل، فإن الاتجاه العام على المدى المتوسط إلى الطويل يُشير إلى ضغوط نزولية، مدفوعة بتوسع إنتاجي خارج أوبك، وتراجع نسبي في نمو الطلب، بالإضافة إلى تسارع مشاريع الطاقة المتجددة.
إن قدرة السوق على الحفاظ على مستوياته الحالية ستتوقف على عدة عوامل، أهمها: استقرار الجغرافيا السياسية، قرارات أوبك+ الإنتاجية، ومعدلات تعافي الطلب من الاقتصادات الكبرى، خصوصًا الصين والهند والولايات المتحدة. وعليه، فإن المستثمرين والمتابعين بحاجة إلى رصد هذه المتغيرات بدقة خلال الربع الثالث من 2025 لتحديد التوجه القادم للسوق.
الأسئلة الشائعة ❓️
⭕️ كم يبلغ سعر النفط اليوم؟
سعر خام برنت بلغ حوالي 70.24 دولارًا للبرميل، بينما وصل خام WTI إلى 68.28 دولارًا في 11 يوليو 2025، بحسب بيانات discoveryalert.com.au.
⭕️ ما هي توقعات سعر النفط خلال 2025؟
تشير التوقعات إلى متوسط سعري لخام برنت عند 69 دولارًا خلال 2025، مع إمكانية انخفاضه إلى 58 دولارًا في 2026 وفقًا لوكالة الطاقة الأمريكية (EIA).
⭕️ ما العوامل التي تؤثر على سوق النفط في الوقت الحالي؟
تشمل العوامل: زيادة الإنتاج العالمي، تباطؤ نمو الطلب، التوترات الجيوسياسية، وموسمية الطلب في الصيف.
⭕️ هل إنتاج أوبك+ سيؤثر على الأسعار؟
نعم، رفع أوبك+ الإنتاج بنحو 548 ألف برميل يوميًا بدءًا من أغسطس قد يضغط على الأسعار نحو الانخفاض إذا لم يُقابل بزيادة في الطلب.
⭕️ هل هناك فائض في المعروض النفطي العالمي؟
من المتوقع أن يكون هناك فائض في المعروض يتجاوز مليون برميل يوميًا في النصف الثاني من 2025 بحسب تقرير IEA.
⭕️ كيف تؤثر الطاقة المتجددة على سوق النفط؟
الطاقة المتجددة تُبطئ من نمو الطلب على النفط، خصوصًا في قطاعات الكهرباء والنقل، ما يهدد الأسعار مستقبلاً.
⭕️ هل انخفاض مخزونات النفط الأمريكية يُعد مؤشرًا إيجابيًا؟
انخفاض المخزونات بـ3.4 مليون برميل في بداية يوليو يعكس ارتفاع الطلب المحلي ويدعم الأسعار على المدى القصير.
⭕️ ما تأثير مضيق هرمز على سوق النفط؟
أي تهديد لإغلاق مضيق هرمز قد يرفع الأسعار بسرعة، نظرًا لأن 30% من النفط العالمي يمر عبره.
⭕️ ما الفرق بين خام برنت وخام WTI؟
خام برنت يُستخدم كمؤشر عالمي ويُستخرج من بحر الشمال، بينما خام WTI يُنتج في الولايات المتحدة ويُستخدم كمؤشر أمريكي.
⭕️ هل الاستثمار في النفط لا يزال مجديًا في 2025؟
رغم التحديات، لا يزال الاستثمار في النفط مجديًا على المدى القصير، خاصة في ظل الطلب الموسمي، لكن المدى الطويل يواجه ضغوطًا بسبب البدائل.