الأسهم اليابانية

بنك اليابان يلوّح برفع أسعار الفائدة مجددًا | ومؤشر نيكاي 225 يرتفع بنسبة 1.22%

خرج محافظ بنك اليابان كازو أوييدا بتصريحات لافتة تؤكد أن البنك المركزي لم يغلق الباب بعد أمام مزيد من رفع أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن هذا القرار يظل مشروطًا باستمرار تحسّن المؤشرات الاقتصادية وتماشي معدلات التضخم مع التوقعات المستقبلية.
هذا التصريح، الذي يأتي في وقت حساس للغاية، يعكس استعداد بنك اليابان للخروج النهائي من سنوات السياسة النقدية المرنة التي اتسمت بأسعار فائدة سلبية ودعم مالي غير محدود.

وفي ظل تصاعد التوقعات بأن الاقتصاد الياباني بدأ يتعافى تدريجيًا من آثار جائحة كورونا والتباطؤ العالمي، فإن خطوة رفع الفائدة لم تعد سيناريو بعيدًا عن الواقع، بل أصبحت احتمالًا واردًا قد يتحقّق في أي وقت.

الاقتصاد الياباني يخرج من عباءة التيسير… لكن بحذر

أوييدا شدد في تصريحاته على أن أي قرار برفع الفائدة سيكون قائمًا على قراءة دقيقة للبيانات الاقتصادية الفعلية، لا التوقعات فقط. حيث أوضح أن البنك سيتخذ قراراته بناءً على مؤشرات واقعية ترتبط بالنمو، التضخم، وسوق العمل، وهو ما يعكس تحوّلاً من النهج الوقائي إلى منهج أكثر ديناميكية وواقعية في قراءة المشهد الاقتصادي.

بنك اليابان يلوح لخفض الفائدة

ولعلّ اللافت في حديث أوييدا هو تأكيده على أن المرونة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية لا تعني التراجع، بل الانطلاق التدريجي نحو سياسة أكثر توازنًا تعيد للاقتصاد الياباني ثقته بنفسه وتفتح الأبواب لاستثمارات أجنبية جديدة تبحث عن بيئة نقدية مستقرة.

سياسة الرسوم الجمركية تسرّع رفع الفائدة في اليابان؟

في مفارقة مثيرة للاهتمام، لم يغفل محافظ بنك اليابان الإشارة إلى الدور غير المباشر الذي قد تلعبه السياسات التجارية الأمريكية في دفع البنك لتسريع قراراته بشأن رفع الفائدة.

أوييدا لفت الانتباه إلى أن احتمال فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات القادمة وما قد يصاحب ذلك من تغييرات في الرسوم الجمركية – سواء بخفضها إلى الصفر أو الإبقاء عليها عند مستويات منخفضة – قد يؤدي إلى طفرة في التجارة العالمية، وبالتالي إلى تحفيز النمو الاقتصادي في آسيا، وهو ما قد يتطلب من اليابان التصرف بسرعة لتجنّب فرط النشاط الاقتصادي.

هذا الطرح غير التقليدي يُظهر كيف أصبحت السياسات النقدية العالمية مترابطة بشكل غير مسبوق، حيث لا يمكن لبنك مركزي في أي دولة أن يتخذ قراراته بمعزل عن قرارات الآخرين، خصوصًا في عالم تتقاطع فيه الأسواق والمؤشرات من طوكيو إلى وول ستريت.

الأسواق اليابانية تحتفل… والمؤشرات تتألق نحو الأعلى

في الوقت الذي ألقى فيه أوييدا بهذه التصريحات القوية، كانت الأسواق اليابانية تُظهر إشارات إيجابية تعكس ثقة المستثمرين في استقرار الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.
فقد سجل مؤشر نيكاي 225 ارتفاعًا قويًا بنسبة 1.22% عند نهاية تداولات الخميس، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر، مدفوعًا بمكاسب في قطاعات العقارات والبنوك والصناعات النسيجية.

وشهدت بعض الأسهم أداءً استثنائيًا قاد حركة الصعود، أبرزها:

ورغم الأجواء الإيجابية، لم تخلُ الجلسة من التراجعات، إذ سجل سهم Murata Mfg Co. تراجعًا حادًا بنسبة 12.80%، إلى جانب انخفاضات أخرى في أسهم Kansai Electric Power وToho Co., Ltd.، ما يعكس التذبذب الطبيعي في سوق لا يزال في طور إعادة التوازن بين التشاؤم السابق والتفاؤل الحالي.

الذهب والنفط والعملات تقلبات عنيفة ومفاجآت متواصلة

على صعيد أسواق السلع والعملات، سادت حالة من التقلب الحاد، حيث انخفضت أسعار النفط بعد موجة من الصعود، إذ تراجعت عقود خام WTI بنسبة 0.77% لتغلق عند 57.76 دولارًا للبرميل، كما هبط خام برنت بنسبة 0.64% إلى 60.67 دولارًا.

أما الذهب، فقد كان الخاسر الأكبر، إذ فقد نحو 2.39% من قيمته ليغلق عند 3,239.69 دولارًا للأونصة، متأثرًا بارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع الإقبال على أصول الملاذ الآمن.

في سوق العملات، شهد زوج الدولار/ين ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 1.12% إلى مستويات 144.54، في حين ارتفع زوج اليورو/ين بنسبة 0.86%، في إشارة إلى قوة الدولار وسط تراجع نسبي للين الياباني.
كما صعد مؤشر الدولار نفسه بنسبة 0.54%، مما أثر سلبًا على السلع المقومة بالدولار.

نهاية مرحلة أم بداية جديدة؟ اليابان تودّع سياسة الفائدة السالبة

من الواضح أن اليابان تقف الآن على أعتاب تحوّل اقتصادي جديد، عنوانه الأساسي هو التخلي التدريجي عن التيسير النقدي المفرط الذي دام عقودًا طويلة. وبدلاً من الاستمرار في ضخ السيولة بشكل غير محدود، يتجه بنك اليابان إلى تبني سياسة “تشديد نقدي ذكي”، تعتمد على التدرج، والبيانات الفعلية، وتوازن المصالح بين الاستقرار والنمو.


هذه المرحلة لن تكون سهلة، لكنها قد تكون ضرورية لضمان استقرار اقتصادي طويل الأمد، يُعيد لليابان مكانتها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، وسط منافسة شرسة وتحديات مالية متعددة من الصين وأمريكا والاتحاد الأوروبي.

الخلاصة

كل الأنظار على طوكيو… والقرار بيد البيانات، ما يحدث الآن في اليابان ليس مجرد تغيير في سعر الفائدة، بل هو إعادة تموضع استراتيجية شاملة للاقتصاد، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأسواق العالمية، والسياسات الأمريكية، واتجاهات التضخم العالمية.
ومع استمرار هذه المتغيرات، تبقى الأسواق تترقّب كل تصريح وكل خطوة من بنك اليابان، لأنها ببساطة قد تكون مؤشرًا على بداية موجة جديدة من التغييرات النقدية التي ستطال اقتصادات آسيا والعالم بأسره.

هل تدخل اليابان فصلًا جديدًا من الاستقرار والنمو؟ أم أن الضبابية العالمية ستفرض تأجيلات أخرى؟
الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى