الأسهم الأمريكية

أسهم تسلا (Tesla) بين التراجع المؤقت والتوقعات المستقبلية إلى 387$

تراجع ملحوظ بعد صعود قياسي

شهد سهم شركة تسلا (Tesla)، الرائدة عالميًا في مجال السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المستقبلية، انخفاضًا ملحوظًا خلال جلسات التداول الأخيرة في البورصة.

فقد تراجع السهم بنسبة كبيرة بلغت 6.15% ليستقر عند 328.49 دولارًا، مما أدى إلى خسارة ما يقارب 66 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة العملاقة.

هذا التراجع يأتي في أعقاب ارتفاعات قياسية شهدها السهم خلال الأيام السابقة، حيث حقق مكاسب هائلة فاقت 107 دولارات، أي ما يعادل 44%، مما أدى إلى زيادة ضخمة في القيمة السوقية للشركة بنحو 344 مليار دولار.

هذا التراجع أثار موجة من التساؤلات بين المستثمرين والمحللين: هل يعكس الانخفاض بداية مرحلة تصحيح طبيعية بعد موجة الصعود؟ أم أن هناك أسباب أعمق تتعلق بسقف الطموحات الذي وضعته الشركة لنفسها؟ مهما كان السبب، فإن سهم تسلا لا يزال محور اهتمام الأسواق العالمية، خاصة في ظل ريادتها التكنولوجية والمشاريع الطموحة التي تنفرد بها.

رؤية وتحليل متباينة بين الحذر والتفاؤل في أسهم (Tesla)

من جهة، يرى المحللون أن شركة تسلا (Tesla) قد تكون ضحية نجاحها السريع والملحوظ. على سبيل المثال، أشار إديسون يو، المحلل لدى دويتشه بنك، إلى أن ارتفاع سهم تسلا قد يكون مبالغًا فيه إلى حد كبير في الوقت الراهن.

ويوضح أن التطورات الإيجابية، مثل مشاريع القيادة الذاتية وتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر، قد تعزز مستقبل الشركة، لكنها في الوقت نفسه تضعها أمام تحديات كبيرة لتنفيذ هذه الطموحات على أرض الواقع.

وقد حدد إديسون هدفًا سعريًا لسهم تسلا (Tesla) عند 295 دولارًا، أي أقل من السعر الحالي. هذه الرؤية قد تشير إلى أن التوقعات الكبيرة المحيطة بالشركة قد تحتاج إلى إعادة تقييم في ظل احتمالية حدوث تصحيحات مستقبلية، خاصة إذا لم تحقق الشركة أهدافها بالسرعة المتوقعة.

Tesla

رفع التوقعات مع ثقة جديدة في القيادة الذاتية

على الجانب الآخر، قدمت مؤسسة RBC Capital رؤية متفائلة للغاية بشأن مستقبل تسلا (Tesla)، حيث رفعت السعر المستهدف لسهمها إلى 387 دولارًا مقارنة بالتقدير السابق عند 323 دولارًا.

هذا التغيير يأتي بناءً على التقدم الذي أحرزته الشركة في مجال تقنيات القيادة الذاتية الكاملة (FSD)، والتي تُعتبر من أكثر مجالات التكنولوجيا تعقيدًا وجاذبية في الوقت ذاته.

تُظهر تحليلات RBC أن نظام القيادة الذاتية الجديد الذي أطلقته تسلا في الولايات المتحدة بدون الحاجة لاستخدام اليدين يعد إنجازًا غير مسبوق، إذ يُتوقع أن يُحدث ثورة في صناعة السيارات.

ووفقًا للتقرير، فإن هذه التقنية وحدها تضيف 102 دولارًا للسهم الواحد في تقييم الشركة. كما أشاد المحللون بقدرة تسلا على دمج البرمجيات والمعدات في نظام متكامل، مما يمنحها ميزة تنافسية على جميع الشركات الأخرى في السوق، سواء كانت ناشئة في صناعة السيارات الكهربائية أو تقليدية في صناعة السيارات التقليدية.

التكامل الرأسي و مفتاح تفوق تسلا

من بين أهم النقاط التي تجعل تسلا في موقع الريادة عالميًا هو تكاملها الرأسي الفريد. هذا التكامل يعني أن الشركة تتحكم في جميع جوانب إنتاج سياراتها الكهربائية، بدءًا من التصميم والتطوير، مرورًا بالتصنيع، وصولًا إلى البرمجيات وأنظمة القيادة الذاتية.

ووفقًا لتقديرات RBC، فإن هذا التكامل يمنح تسلا هيكل تكلفة لا يمكن منافسته، مما يجعلها تتمتع بمرونة مالية أكبر وقدرة على تحقيق هوامش ربح أعلى.

رؤية المحللين في هذا السياق تتوقع أن تستمر تسلا في تحسين كفاءتها الإنتاجية مع التوسع في منشآتها العملاقة مثل مصنع جيجا تكساس، الذي يعتبر من أكبر مرافق الإنتاج وأكثرها تطورًا في العالم.

هذا النهج يمنح الشركة إمكانية زيادة إنتاجها بشكل ضخم دون التضحية بالجودة، مما يضعها في موقع مثالي لتلبية الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية عالميًا.

الروبوتاكسي والروبوتات ومستقبل تسلا المشرق

إحدى أبرز نقاط القوة التي تراهن عليها تسلا (Tesla) هي قدرتها على الهيمنة على سوق سيارات الأجرة الذاتية “روبوتاكسي”. هذه السيارات التي ستعمل بشكل مستقل تمامًا قد تحدث ثورة في مجال النقل، خاصة إذا تمكنت الشركة من تقديمها بتكلفة منخفضة مقارنة بالمنافسين.

ويتوقع الخبراء أن نظام الروبوتاكسي سيضيف حوالي 136 دولارًا للسهم الواحد في تقييم الشركة.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل تسلا على تطوير روبوتات متقدمة تشبه البشر، وهي مشروع يعتبره الكثيرون قفزة تكنولوجية هائلة. هذه الروبوتات يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية والخدمية، مما يفتح للشركة أبوابًا جديدة من الإيرادات والنمو.

توقعات بعيدة المدى بمثابة قيم فلكية تنتظر تسلا

من بين أكثر التوقعات تفاؤلًا جاءت تصريحات الملياردير والمستثمر المخضرم رون بارون، الذي أكد أن القيمة السوقية لشركة تسلا قد تصل إلى 5 تريليونات دولار خلال العقد المقبل، وربما أكثر إذا استمرت في تحقيق أهدافها.

بل إن إيلون ماسك نفسه يرى أن الشركة قد تصل قيمتها إلى 30 تريليون دولار على المدى الطويل، وهي أرقام تبدو خيالية لكنها تعكس حجم الطموحات التي تتبناها الشركة.

محفظة بارون كابيتال الاستثمارية تظهر أيضًا هذا التفاؤل، حيث تتضمن أكثر من 10.4% من إجمالي أصولها في أسهم تسلا (Tesla)، رغم أن الشركة قامت ببيع جزء من حصتها مؤخرًا.

الخلاصة

رغم التذبذب الأخير الذي شهدته أسهم تسلا (Tesla) ، تظل الشركة في موقع ريادي بفضل ابتكاراتها التكنولوجية واستراتيجياتها الجريئة. ومع ذلك، يجب على المستثمرين الحذر من التقلبات الحادة التي قد تطرأ على السهم، خاصة في ظل التوقعات المتباينة من المحللين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى